بعد زواجه بسنة او سنتين عرض عليه عددا من الأصدقاء
الى ترك مهنة الدباغة والتفرغ للتجارة الحرة خصوصا بعد ان بدأت تجارة استيراد الأحذية
وغيرها من الأمور الجلدية.وفعلا فقد قرر قبول المقترح لاقتناعه بالأسباب فعمد الى
تأجير محل له من قبل الأوقاف في سوق السراي ( محل تحافيات ) ،والمحل لازال قائما
ويقع مقابل جامع ( آل عبد أل ) ،وهذا المحل أصبح ملكا لولده سعد الدين محمد صالح الذي اشتراه منه عام 1968 ،بسبب انتقاله الى
المحل الثاني في شارع غازي لانتقال ولده خيري الى بغداد لتوسع التجارة انذاك .
وكان من التجار المشهورين آنذاك في سوق
السراي (( الحاج يحيى عمر الطالب )) رحمة الله عليه و(( الحاج فؤاد الخطيب )) و
سيد سعيد و(( جميل رسام )) و (( يوسف بحو )) و (( محمد الشماع ))وغيرهم .
وهو احد أعضاء غرفة التجارة منذ عام 1958
،وعضو مديرية الاستيراد والتصدير ،التي فتحت له افاق التجارة مع الدول المجاورة
والاوربية ،وقد أشتهر باستيراد (( السدائر ،القبعات الاجنبية ،الالبسة الداخلية
القطنية والصوفية الرجالية والنسائية من منشأ هولندي ( أم التاج ) ،المظلات
المطرية ،العطور الفرنسية من ماركات متميزة ( رفدور،بومبيا ) ،وكان وكيل لشركة
(فتاح باشا ) وغيرها كثير)).
وكان مجتهدا جدا في عمله بالتجارة حيث كان
يذهب الى بغداد (( بالكروان )) وهي عربة تجرها الخيول أو الحيوانات الأخرى او ((
الكلك )) عن طريق النهر ،ومن خلال عمله بنشاط تمكن من شراء البيت الذي كان يسكن
فيه مع عمه بعد ان أعطى حصة ابن عمه الحاج إبراهيم والد الدكتور ساطع الدباغ وهو
ابن عمه إسماعيل ،علما انه لم بهمل عمه أبدا خلال فترة مرضه حيث سافر به الى بغداد
للعلاج وقاموا بإجراء عملية له في الأمعاء وعاد به الى الموصل ولكنه توفي عام 1940
م .
وكما ذكرنا قام بشراء حصص جميع من لديهم
حصة في الدار ومنهم أخته وأصبح الدار ملكا له وقام بتعميره وإصلاحه وطلائه ثم بدأ
بشراء الأثاث الجيد شيئا فشيئا ثم قام بإيصال التيار الكهربائي الى الدار في بداية
الاربيعينات ، واشترى الأجهزة الكهربائية الواحدة بعد الأخرى التي بدأت تظهر في الأسواق
مثل (( الغسالة والثلاجة )) وهكذا أصبح الدار من الدور المتميزة في المحلة حتى
كانت العشيرة تأتي للتفرج على الكهرباء والإنارة والأجهزة الكهربائية لكونها نادرة
في ذلك الزمان .
بعد الحرب العالمية الثانية قامت الحكومة
بمد خط السكك الحديد بين الموصل وبغداد وهكذا تحول للتجارة من خلاله ،وفي تلك
الفترة عمد الى ادخال ولده البكر فخري في الكلية الطبية الملكية في بغداد لأنه كان
متفوقا في دراسته الإعدادية وعلى نفقته الخاصة وأستأجر له دارا صغيرة في بغداد مع
بعض أصدقائه ومنهم الدكتور زكي الملاح حيث كان والده من الأصدقاء المقربين له
،والمحامي ساطع اسماعيل والمدون القانوني محسن سعيد .
في العام 1952 وبناء على رغبة ولده خيري
فقد التحق للدراسة في كلية الطيران الملكية في بغداد الدورة الأولى ،ولكنه وفي
السنة الثانية من الدراسة قرر ترك الكلية متأثرا بوفاة زميله نتيجة سقوطه بالطائرة
إثناء التدريب .
وعلى اثر ذلك قام عندها بفتح المحل الثاني
له في شارع غازي في مقر مصرف الرشيد حاليا وأطلق عليه اسم (( محلات الدباغ )) وهذا
الاسم كان مقترحا من ولده البكر الدكتور فخري بعد ان اقترحوا له عدة أسماء أخرى .وكان
من جيرانه في هذا المحل ((محلات رؤوف الشهواني ))لبيع الكهربائيات ومحلات ((هدايا
اليوزبكي )) لصاحبها عبد الكريم اليوزبكي .
 |
| صورة ولده سعد الدين في المحل اعلاه |
ثم تم هدم العمارة من اجل بناء المصرف
حاليا كما ذكرنا فانتقلت محلات الدباغ الى موقع اخر قرب مديرية الشرطة مقابل
البريد القديم واستمر العمل هناك لعامي 1957-1959 .
ثم وبعد حركة الشواف في الموصل انتقل المحل
مرة اخرى الى شارع غازي تحت عيادة الدكتور سالم الجلبي في عمارة العلا التي كانت قديما تعرف باسم ((
حمام العلا )) والعمارة كانت ملكا لصاحبها الدكتور نافع الخياط وشركائه ، كما كانت
تقع بالجهة المقابلة له عيادة الدكتورة شفيقة الملاح .
 |
| محلات الدباغ في موقعها الاخير |
وكانت هناك بعض المحلات المجاورة له مثل ((
محلات باتا ))،ومحل (سيد محمد سيد عبدالله وهب )، ومحل (( خالد جارالله الساعاتي ))ومحل
محمد عزيز الخياط ((ساعات دوم )) وبقي يحمل نفس الاسم (( محلات الدباغ )) وعمل مع
أبنه خيري في هذا المحل كل من أخيه محي الدين وزوج ابنته محمد الدباغ.
وبعد انتقال ولده خيري الى بغداد عام 1968 كما ذكرنا
سابقا تم الاتفاق على اعادة استلام المحل من قبل الحاج محمد صالح يعينه ابنه محي
الدين بعد ان اتفقوا على ترك دراسته في
كلية العلوم.
 |
| مجموعة من صور ولده محي الدين في المحل اعلاه داخل وخارج المحل |
 |
الصورة تمثل احفاده امام المحل بانتظار موكب مهرجان الربيع الذي اعتاد دوما ان يمر من شارع الملك غازي
ويظهر في الصورة حفيده نبيل وعصام وتميم وهناك من اولاد الاقارب محمد فيصل وبجانبهم
زوج ابنته محمد الدباغ |
وفي تلك الفترة وما بعدها اشتهر المحل
كثيرا باستيراده لأفضل الألبسة الرجالية ،كما قام ولده خيري بتوسيع التجارة حتى
شملت اللوازم الخاصة بالصيدليات وكان هو
من ضمن أهم الوكلاء لهذه اللوازم في الموصل ،كما قام بتكوين وكالة لاستيراد الأحذية
الرجالية المصنوعة في معامل خاصة من الجلود المتميزة وكانت تعرف بمعامل (( صادق
محقق )) .كما اشتهر المحل ببيع (( السدائر ،القبعات الأجنبية المختلفة الشتوية
والصيفية ،الألبسة الداخلية ،المظلات المطرية )).ومن الجدير بالذكر ان محلات
الدباغ أصبحت إدارتها تعود الى ولده خيري منذ عام1953 ولغاية تركه العمل كليا عام
1980 .